قال الله تعالى الأعراب أشد كفرا ونفاقا، وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم، فلماذا وصف الله الأعراب بأنهم أشد كفرا ونفاق؟ ومن هم الأعراب؟ المذكورون بالكفر والنفاق؟ وما هو سبب نزول الآية الأعراب أشد كفرا ونفاقا؟ هيا بنا نعرف.
سبب نزول الآية الأعراب أشد كفرا ونفاقا |
منهم الأعراب المذكورين في سورة الحجرات
الأعراب المذكورين في الآية الكريمة هم أهل البادية من العرب الذين سكنوا الصحراء، فإن الله تعالى وصف الأعراب بأنهم أشد جحودا بالله، وأشد نفاقا من الأقوام الأخرى، وهم أهل الحذر، وذلك لتوحشهم، وقد اشتهروا بأنهم قوم أقسى قلبا، وأجفى قولا، وأغلظ طبعا، وأنهم أكثر الناس كفرا، فلم تعرف عنهم الأمانة ولا المروءة، ولا اللين.
لماذا الاعراب اشد كفرا ونفاقا
لأنهم أبعد عن معرفة السنن، وأقل علما بحقوق الله، وأولى وأحرى ألا يعلم الحلال والحرام، وذلك لعدم مخالطتهم لأهل العلم، وقلة استماعهم للكتاب، وبعدهم عن المجالس مجالس العلم والشرائع التي أنزلها الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والله عليم حكيم، فمن الأعراب من يحتسب ما ينفقه في الخير غرما وخسارة.
فينفق، وهو كاره لا يرجو ثوابا عند الله تعالى، ويتربص بالمسلمين المصائب، واختلال الأمور، وغلبة الأعداء عليهم، جعل الله عليهم وحدهم المصائب التي تسوئهم، وتفسد أمورهم، الله سميع عليم، فالأعرابي كل ما يهتم به هو تقاليد القبيلة التي ينتمي إليها، وهناك الكثير من التقاليد التي تعترف بها هذه القبائل.
وتحمل الكثير من الصفات التي لا ترضي الله عز وجل وتغضبه، فتقربهم من الكفر والنفاق، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم عن سكان البادية قائلا: من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتتن.
وقد وردت قصص كثيرة تبين هذه الصفة السيئة التي حملها الأعراب في تلك الأيام، ولعل أبرز هذه القصص هي القصة التي جاءت في صحيح الإمام مسلم، والتي رواها أنس بن مالك رضي الله عنه، حيث قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجبذه بردائه جبذة شديدة، حتى انشق البرد، وحتى بقيت حاشيته في عنق رسول الله، فنظرت إلى صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته، ثم قال يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضحك، ثم أمر له بعطاء.
كيف مدح الله الاعراب
قد استثنى الله عز وجل طائفة من الأعراب، ومدحهم قائلا: ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويتخذ ما ينفق قربات عند الله، وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم، سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم.
فمن آمن بالله وترك الجفاء فليس بمذموم، قال ابن كثير أخبر تعالى أن في الأعراب كفارا ومنافقين ومؤمنين، وأن كفرهم ونفاقهم أعظم من غيرهم، وأشد فيغلب الجفاء عند من يسكن الصحراء نظرا لجفافها، ولعدم مخالطة الناس.
ويأخذ أصحاب الدواب من أخلاق دوابهم، فالجفاء في أهل الإبل، والسكينة في أهل الغنم، قال صلى الله عليه وسلم الفخر والخيلاء في الفدادين، أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم، فمن بدا جفاه ولا يمكن ان يوصف من يؤمن بالله واليوم الاخر بانه اشد كفرا ونفاقا واما ارسال النبي صلى الله عليه وسلم للارتضاع في البادية فان اهل البادية كانوا افصح من غيرهم انهم لم يخالطوا احدا ولم يتاثروا بغيرهم.
ففي الصحيحين عن سلامة ابن الاكوع رضي الله عنه انه دخل على الحجاج فقال يا ابن الاكوع ارتدت على عقبيك تعربت قال لا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم اذن له في البدو فسكنوا اهل المدن ليس مرغوبا على الدوام بل قد تكون المدن اكثر فتنا وقد يكون اعتزال الناس والمدن افضل فقد يكون البدو افضل من المدن عند التقرب الى الله تعالى. هذا والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين.